Posts

Showing posts from February, 2012

الأزهر والمؤسسات الدينية والثورة السورية - بقلم: رضوان السيد

Image
ظهر شيخ الأزهر للمرة الخامسة خلال الشهور الأخيرة، في بيان قوي لنصرة الشعب السوري، ودعوة العرب وأحرار العالم للتدخل من أجل إنهاء أعمال القتل والإبادة. وقد تميز البيان الأخير بلهجة جادة وملتاعة في الوقت نفسه. إذ إنه أعلن عن يأسه من النظام السوري وأعوانه، وطالب العرب وأحرار العالم بالتدخل بشتى السبل لإيقاف أعمال العنف والقتل وسفك الدم التي يقوم بها النظام. ثم توجه إلى جيش النظام وقواته الأمنية، داعياً إياهم إلى التوقف عن قتل مواطنيهم، إذ المفروض أن هذه الأسلاك كلها إنما أنشئت لحماية الأوطان وحياة الناس وحرماتهم، فإذا بها تتحول إلى عدو لهم بالذات من طريق القتل بدون رادع من دين أو ضمير. وأضاف الإمام الأكبر في بيانه أن هؤلاء لا يستطيعون الاعتذار بأنهم مأمورون، لأن الناس يحاسبون على الأعمال التي ارتكبوها بأنفسهم، إضافة لمحاسبة الذين أمروهم. وكرر الشيخ أحمد الطيب، أنه لا يتوجه إلى السلطات التي أصرت طوال عام على قتل شعبها لأنه لا أمل فيها من أي نوع، ولا يملك رجالاتها من الإحساسات الدينية أو الإنسانية ما يمكن من خلالها استصراخهم للكف عن ارتكاباتهم. بل إنه يتوجه إلى الشعب السوري ويطلب م

نصارى العراق ودور مملكة الحيرة في نهضة العرب - د.هيثم مزاحم

Image
ظهرت المسيحية في العراق منذ بداية القرن الأول الميلادي، ثم انتشرت في القرن الثالث الميلادي حيث اعتنق بعض سكان بلاد الرافدين المسيحية، فيما كان بعض منهم يعتنق اليهودية والمجوسية والمانوية وعبادة الأوثان. ويعود الفضل في بدء التبشير بالمسيحية في غرب العراق إلى بعض الأَسْرَى المسيحيين، الذين نُقلوا إلى الحيرة وغيرها، في عام 260م، خلال الصراع بين الغساسنة والمناذرة. ولكن الفضل الأول في هذا الإنتشار يعود إلى العمودي الأكبر القديس سمعان في النصف الأول من القرن الخامس الذي أثر في حركة التبشير كثيراً. ويروي الدكتور الأب العراقي سهيل قاشا في كتابه الموسوعي «تاريخ نصارى العراق» (دار الرافدين - بيروت - طبعة أولى - 2010) أن طيمون، أحد الشمامسة السبعة، قد بشّر بالدين الجديد في البصرة وكان أسقفاً لها. وكان الإقبال على المسيحية بطيئاً في العراق، إلى أن ساهم ملوك الحيرة المناذرة في حماية المسيحية في العراق وفارس، وخصوصاً المنذر الأول (418 - 462 م). وقد اشترك أساقفة الحيرة في القرن الخامس في مجامع محلية، ترأسها جاثليق سلوقية، ووافقوا على مقرّراتها، فأمسوا من النساطرة. وفي مطلع القرن السادس

مصير آينشتاين معلّق بين أوبرا وليزا - أحمد مغربي

Image
منذ العام المنصرم، باتت نظرية النسبية التي أعطت العالِم ألبرت آينشتاين شهرة مدوّية، تســير على حبل مشدود، كأنها في ســيرك. تمـــسك الأرض بأحد طرفي هذا الحــبل، عبر تجارب تنصب أساساً على سرعة الضوء (اشتُهِرت باسم «أوبرا») وإمكان تحوّل الطاقة إلى مادة. ويقبض الفضاء على الطرف الآخر لهذا الحبل، عبر تجربة تنفّذها مركبة الفضاء الأوروبية «ليزا». بين «أوبرا» و «ليزا»، يسير مصير أينشتاين بحذر، كبهلوان السيرك، لكنه يمسك بعصا للتوازن اسمها «جسيم بوزون هيغز». «أوديسا» الفضاء... 2014 في شريط خيال علمي اسمه «أوديسا الفضاء 2001» (1968)، رسم المخرج الأميركي ستانلي كوبريك صورة قاتمة عن مصير الحضارة البشرية وعلومها. هل تتحضّر نظرية النسبية لمصير مماثل على يد مركبة الفضاء الأوروبية «ليزا باثفايندر» في 2014؟ لا تملك «ليزا» سوى مهمة مفردة: قياس موجات الجاذبية التي تحدّثت عنها نظرية النسبية العامة. إذ تصوّر أينشتاين الكون كقماشة ضخمة، تنتثر عليها المجرات والنجوم، وتربط نسيجها أمواج الجاذبية، التي تحدّد الزمان والمكان وترابطهما. وقد زُوّدت «ليزا» بمجسّات متطوّرة في مجال الاستشعار وقياس الموجات. و

ظاهرة الأخباريين لدى الشيعة الإثني عشرية

Image
ظاهرة الأخباريين لدى الشيعة الإثني عشرية الوسط - محرر فضاءات حلقة دراسية في حوزة النجف الأشرف يتتبَّع الإعلامي والباحث اللبناني المختص بالشئون الشرق أوسطية والإسلامية، هيثم مزاحم، حركة ومنظومة فكر الأخباريين لدى الشيعة الإثني عشرية، وهي «فرقة من الإمامية... وهي سلفية... كما عليه سنن السلف»، بدءاً بأوائل فقهاء الشيعة الشيخ المفيد، مروراً بمؤسس حوزة النجف وواضع علم الأصول لدى الشيعة الشيخ محمد بن حسن الطوسي، عروجاً على مدرسة الشيخ يوسف البحراني صاحب «الحدائق». المقال لا يؤرخ لمراحل نشأة الأخباريين بقدر تتبُّعه للمنظومة التي قامت عليها فلسفة التوجُّه. المقال نشر في صحيفة «الحياة» يوم السبت (11 فبراير/شباط 2012). ارتبط اسم الأخباري بمن يشتغل بالتاريخ ولما جاء الإسلام ارتبطت تسمية الأخبارية به ولاسيّما من ينقلون الحديث النبوي. وهكذا عرف هذا العلم بعلم الأخبار وعرف نقلته بالرواة والمحدثين أو الأخباريين. وكان قدماء الأخباريين يسمّون بأصحاب الحديث وكانوا موجودين لدى أهل السنّة والشيعة على السواء. ولعلّ أقدم نص يتحدّث عن الأخبارية باعتبارها فرقة قائمة ضمن المذهب الشيعي الإمامي هو ما

العثور على إنجيل يحوي نبوءة عيسى بالنبي محمد (ص)

Image
http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=113936 عُثر في تركيا على نسخة نادرة من الإنجيل مكتوبة باللغة الآرامية وتعود إلى ما قبل ١٥٠٠ عام، تشير إلى أنّ عيسى المسيح (عليه السلام) تنبأ بظهور النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من بعده. وما زال هذا الحدث يشغل الفاتيكان، فقد طالب البابا بنديكتوس السادس عشر معاينة الكتاب الذي بقي في الخفاء أكثر من الـ١٢ عاماً الماضية، وفقاً لصحيفة «دايلي مايل» البريطانية. وقال وزير الثقافة والسياحة التركي أرطغول غوناي: «إن قيمة الكتاب تقدّر بـ٢٢ مليون دولار، حيث يحوي نبوءة المسيح بظهور النبي محمد، ولكن الكنيسة المسيحية عمدت إلى إخفائه طيلة السنوات الماضية لتشابهه الشديد مع ما جاء في القرآن الكريم بخصوص ذلك». ويتوافق مضمون هذه النسخة من الإنجيل مع العقيدة الإسلامية، حيث يصف المسيح بأنّه بشر وليس إلهاً يُعبد، فالإسلام يرفض الثالوث المقدّس وصلب المسيح، وأنّ السيد المسيح تنبّأ بظهور خاتم الأنبياء محمد (ص) من بعده. وجاء في نسخة الإنجيل أن المسيح أخبر كاهناً سأله عمّن يخلفه، فقال: «محمد هو اسمه المبارك». وذكر غوناي أنّ الفاتيكان طلبت رسمياً معاينة الكتاب ا

البابا والإسلام والإيمان - د. رضوان السيّد

Image
يبدأ البابا المحاضرة بتذكُّر نفسِه أُستاذاً للّاهوت بجامعة بون عام 1959م، حيث كان يلتقي بزملائه البروتستانت، وتدورُ بينهم حواراتٌ حول إمكان التلاقي؛ لأنّ بالجامعة المذكورة كليّتين؛ إحداهما للّاهوت الكاثوليكيّ والأُخرى للّاهوت البروتستانتيّ. ثمّ يختارُ بدءَ موضوعه في العقل والإيمان، باقتباسٍ من الإمبراطور البيزنطيّ "مانويل الثاني باليولوغوس"، ذكره في معرض مجادلته لعالمٍ فارسيٍ مسلمٍ مفترَض، مؤدَّاه أنّ الله سبحانه ذو طبيعةٍ عاقلةٍ؛ ولذلك فإنّ الإيمانَ بالنسبة له يرتبط بالعقل، وهو يقصِدُ بذلك الإرادة الحُرَّة العاقلة. والبابا، مستنداً إلى "عادل تيودور خوري"، عالم اللاهوت الكاثوليكيّ المعروف، ذي الأصل اللبناني، والذي نشر جدالات مانويل الثاني أو محاوراته مع المسلمين، يذكر أنّ فكرة لاعُنفيّة الذات الإلهيّة، وبالتالي تعقُّلها، آتيةٌ من الفلسفة الإغريقيّة «اليونانيّة». ولليونانية معنيان اصطلاحيّان. فالتقليد اليونانيّ في المسيحيّة هو التقليد الدينيّ الأرثوذكسيّ، والأرثوذكسيّة هي دين الإمبراطور مانويل صاحب الجدالات. لكنّ البابا يختارُ المعنى الثاني للاصطلاح بدون مبرِّرٍ

المؤمن الصادق: لماذا يصبح الإرهابي إرهابياً؟ بقلم د. هيثم مزاحم

Image
كتاب «المؤمن الصادق... أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية» للباحث الاجتماعي الأميركي إيريك هوفر الذي نشر سنة 1951، نقله الأديب والوزير الراحل غازي القصيبي إلى العربية ونشر العام الماضي (دار العبيكان). وهو لم يحظ بقدر كبير من الانتشار بداية، لكنه قفز إلى قائمة أفضل الكتب مبيعاً، عندما استشهد به الرئيس الأميركي ايزنهاور في إحدى ندواته التلفزيونية. والكتاب يكثّف الأضواء على عدد من النقاط التي تتعلق بمرتكزات الإرهاب، وفيه إجابة عن سؤال مهم هو: لماذا يصبح الإرهابي إرهابياً؟ يقول القصيبي: «رجعت إلى عدد من المصادر، وبحثت الأمر مع عدد من الخبراء، واتضح لي أنه على رغم وجود كم هائل من المعلومات عن الإرهاب، تنظيماته وقادته وأساليبه وأدبياته وتمويله، إلا أنه لا توجد كتابات تضيء عقل الإرهابي من الداخل، وتتيح لنا فرصة التعرّف إلى هذا العالم العجيب المخيف.. ثم شاءت المصادفة أن أتعرف إلى هذا الكتاب، ففوجئت بأنني عثرت، أخيراً، على ضالتي، وحيث لم أتوقع: في كتاب لم ترد فيه كلمة الإرهاب، ونشر في زمن لم تكن فيه ظاهرة الإرهاب معروفة». ويعتبر القصيبي أن الإرهاب وليد التطرّف وهذا الكتاب معني بالتطرّف

التراث النهضوي في مكتبة الإسكندرية - د. رضوان السيد

Image
ذهبتُ إلى القاهرة خلال معرض الكتاب، للمشاركة في ندوةٍ عن مشروع التُراث النهضوي الذي أقبلت مكتبة الإسكندرية قبل ثلاث سنواتٍ على صَوغ مشروعٍ لإعادة نشره بطريقةٍ جديدة. والمعروف أنه كان هناك تقصيرٌ من جانب المثقفين العرب في السنوات الخمسين الأخيرة في قراءة التراث النهضوي (1830-1950) وإعادة نشره في نشراتٍ علميةٍ تتقدمها دراساتٌ عن المضامين والسياقات. وقد اقتصرت المحاولات الجادة من قبل على نشر الأستاذ محمد عمارة الأعمال الكاملة لعددٍ من الأعلام النهضويين الكبار مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والطهطاوي. وهناك دراستان مهمتان عن ذاك التراث لألبرت حوراني «الفكر العربي في عصر النهضة» وفهمي جدعان «أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العصر الحديث»، أما في ما عدا ذلك، فليس هناك غير دراسات مفردة عن الأعلام. ولذا فإنّ مشروع إعادة نشر التراث النهضوي هو عملٌ محمودٌ ومفيد، وبخاصةٍ أنّ اللجنة التي خطّطت للمشروع وسّعت من آفاقه، بحيث ما اقتصر على الحقبة الواقعة بين أواسط القرنين التاسع عشر والعشرين، بل تضمن اعادة نشر ما اعتبرته مهماً في المجال النهضوي أو يتضمن مشروعاً نهضوياً يتابع الفكرة نفسها، وإن ي

ظاهرة الأخباريين لدى الشيعة الإثني عشرية - د. هيثم مزاحم

Image
ارتبط اسم الأخباري بمن يشتغل بالتاريخ ولما جاء الإسلام ارتبطت تسمية الأخبارية به ولا سيّما من ينقلون الحديث النبوي. وهكذا عرف هذا العلم بعلم الأخبار وعرف نقلته بالرواة والمحدثين أو الأخباريين. وكان قدماء الأخباريين يسمّون بأصحاب الحديث وكانوا موجودين لدى أهل السنّة والشيعة على السواء. ولعلّ أقدم نص يتحدّث عن الأخبارية باعتبارها فرقة قائمة ضمن المذهب الشيعي الإمامي هو ما ذكره الشهرستاني في كتابه «الملل والنحل»، إذ قال: «والأخبارية فرقة من الإمامية... وهي سلفية... كما عليه سنن السلف». قال أحد أوائل فقهاء الشيعة الشيخ المفيد: «لكن أصحابنا المتعلقين بالأخبار، أصحاب سلامة وبعد ذهن، وقلة فطنة، يمرون على ما سمعوه من الأحاديث، ولا ينظرون في سندها، ولا يفرّقون بين حقها وباطلها، ولا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها، ولا يحصلون معاني ما يطلقونه منها». كان الأخباريون أو أصحاب الحديث يروون ما نقلوه عن أسلافهم أو قرأوه في كتاب ما أو رواية ما، ويأخذون بظاهر الرواية وصريح لفظها من دون تأويل أو استنباط. يقول مؤسس حوزة النجف وواضع علم الأصول لدى الشيعة الشيخ محمد بن حسن الطوسي عن الأخباريين